الرؤية نيوز

إبراهيم عربي يكتب..(فض الإعتصام) … أعدلوا ..!

0

غياب غريب للمتحري أربك حسابات الجميع ليضيف فصلا جديدا من الغموض علي (قضية فض الإعتصام) والتي تطاول أمدها لأكثر من (ثلاثة) سنوات ولم يكتمل فيها التحري حتي الآن ، فيما تم إعتقال هؤلاء المتهمين (الأربعة) قبل وقوع تنفيذ الجريمة ب(ثلاثة) أشهر ، كانوا وقتها في قبضة السلطات وداخل سجن كوبر وقد ظلوا طيلة هذه المدة يراقبون فصول هذا المشهد الدرامي العبثي (دخلت نملة وأخذت حبة وخرجت ..!) .
قلت لسعادتو أسامة باشا تأمل هذه الآية الكريمة (إِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ ..) والتي إعتلت قاعة المحكمة بمعهد التدريب القضائي بأركويت حيث تنعقد جلسات محاكمة الرئيس السابق البشير والذي غاب عن الجلسة لظروف مرضية (شفاه الله) ونائبه السابق علي عثمان ووالي شمال كردفان الأسبق أحمد هارون والرئيس الأسبق للبرلمان الفاتح عز الدين ، يحاكمون على ذمة دعوى لملابسات قتل المتظاهرين في عام 2019 ، رد من كان بجوارنا داخل قاعة المحكمة (الآية إشترطت العدل .. إن كنت حاكما أو حكما) وزاد قائلا لتكتمل الصورة تأمل الآية الكريمة (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا …!) .
من الواضح أن النيابة تفننت في هذه الدعوي التي سمتها (دعوي فض الإعتصام) وقد رفضت المحكمة تسميتها من قبل غير أن النيابة إستأنفت القرار لدي محكمة الاستئناف التي أيدت قرار المحكمة (أشار إليه القاضي بالأمس) ، بينما تفننت هيئة الإتهام أيضا فيها ، فيما وصفها تجمع أسر الشهداء ب(الدعوى العبثية) ، فجاءت عبثيتها هكذا مابين إعادة الدعوي لمزيد من التحري رغم أن النيابة نفسها هي من قامت بالتحري وأحالتها للمحكمة وغياب هيئة الإتهام في الحق العام وإنسحاباتها وغيابها المتكرر من جهة ثانية وإنسحاب ه‍يئة الاتهام عن الحق الخاص من جهة ثالثة وتعطيل بعض الجلسات بسبب المظاهرات من جهة رابعة ، وخامسا بطلب الاتهام لإعداد خطبة الإدعاء وسادسا بطلب من النيابة لتجهيز تسجيلات فيديوهات فشلت فنيا في عرضها أمام المحكمة .
علي كل إنه نهج عجيب وسلوك غريب غير مألوف لدي المحاكم السودانية وليس المتحري ببعيد عنها وصفها أحمد هارون في بيانه ب(شبحية الدعوى) ، غير أن مولانا الهادي زايد المكلف حديثا قبل يوم من الجلسة لتمثيل هيئة الإتهام خلفا لوكيل نيابة الخرطوم شمال محمد الصافى الذي أعلن إنسحابه وتنحيه عن تمثيل القضية ربما خوفا علي سمعته ومكتسباته ، عزاها مولانا زايد لأمور إدارية خاصة بالنيابة (لا يمكنه البوح بها) ملتمسا إمهاله فترة لإعادة إستجواب المتحري محتميا بالمادة (140) قبلتها المحكمة (صماء هكذا ..!) دون الخوض في تفاصيلها ، وأمهلت ممثل الإتهام فرصة حتي جلسة الحادي عشر من مايو المقبل للإطلاع علي ملف القضية من جديد ولكن لا أعتقد أنها ستكون خاتمة المطاف ..!. 
تبدو قضية (فض الإعتصام) التي جاءت تحت (جرائم الإرهاب) التي حضرنا جلستها أمس الأربعاء ما هي إلا مجرد فرصة لشربكة خيوط الجريمة البشعة التي عجزت عنها لجنة الأستاذ نبيل أديب الخاصة من كشف طلاسمها مثلما شاهدته من خلال مقطع فيديو يرد فيه بصعوبة علي مغالطات بعض النشطاء الذين حاصروه وإتهموه بالمماطلة والتسويف وهو يدافع منفعلا قائلا : (البلاغ دا مفتوح خطأ ..!!) .
الملاحظ  أن الجلسة تأخرت لأكثر من نصف ساعة عن موعدها بسبب غياب المتحري ، رغم إحضار المتهمين باكرا، ولكن ما إن بدأت جلستها وإلا بدت لي عبارة عن (دربكة) لمواد قانونية تفننت فيها هيئتا الإتهام والدفاع معا وكأن كل منهم كان يبحث عن هدف مبكر لإضعاف الآخر لمواجهة محتملة وربما هدف ذهبي ..! ، فيما ظهر الشاكي عبد الباقى والد الشهيد النذير حضورا بمفرده في ظل غياب المحامين الذين ظهروا معه في جلسة سابقة ممثلين للإتهام عن الحق الخاص ، نصحه قاضي المحكمة مولانا زهير بابكر عبد الرازق بإحضار محامي للدفاع عن قضيته .
إحتجت هيئة الدفاع بشدة علي إطالة أمد القضية في حق موكليهم رغم تعاطفهم مع أسر الشهداء ، وإعتبر مولانا سبدرات ما ذهبت إليه النيابة (مماطلة وعدم إهتمام) مطالبا بإستفسار النائب العام وذهب الأستاذ أبوبكر الجعلي في ذات الإتجاه وأضاف مطالبا باطلاق سرح المتهمين بالضمانة العادية ، فيما أضاف مولانا أحمد أبوزيد بأن بينات التحري (غير سليمة وضعيفة) وقال إنها دون مستند أو تقرير طبي يوضح أسباب وفاة المتظاهرين ، مطالبا بإطلاق سراح المتهمين بالضمانة العادية (كإجراء وقائي) مهتديا بالمادة 84  من قانون 1991 مشيرا لسابقة مشابهة سماها ، لا سيما وأن المتهمين يحاكمون بعقوبات أخري غير الإعدام ، بينما إعتبر الأستاذ محمد الحسن الأمين أن المادة (140)  لا تسعف هيئة الإتهام وقال أن الموضوع سلطة تقديرية للمحكمة معضدا طلب الإفراج عن المتهمين بالضمانة العادية معتبرا ما يحدث من غياب للنيابة والمتحري (تعطيل ومماطلة متعمد لإبقاء المتهمين بالحبس ..!!) .
في الواقع تفحصت الحضور الكبير الذي إمتلات بهم القاعة فوجدت معظمهم من كردفان شمالا وجنوبا وغربا رجالا ونساء ، جاءوا مناصرين لمولانا أحمد هارون وبينهم آخرون من دارفور ووسط البلاد وشرقها وشمالها ، ولكن مع الأسف غابت تلك الوجوه لكوادر المؤتمر الوطني التي ظلت تشكل حضورا فاعلا في جلسات القضايا الأخرى ، رغم أن الذين يحاكمون بهذه المحكمة هم رئيس الحزب ونائبه والرئيس المكلف وأمينه الإجتماعي ، ربما بسبب (عبثية القضية الملفقة) ، وربما إمتثل هؤلاء لصفقة (الهبوط الناعم ..!) . 
علي العموم قبلت المحكمة طلب هيئة الإتهام بسبب العقبات الإدارية التي تواجهها النيابة ، وأمرت بإعلان المتحري رسميا بالإمتثال أمامها في جلسة الحادي عشر من مايو المقبل ، وأرجعت طلب إطلاق سراح المتهمين بالضمان عقب سماع إفادات المتحري وهيئة الإتهام ولكن يظل تحري العدالة (أعدلوا) مطلبنا للكشف عن من (فض الإعتصام) مرتكبا تلكم الجريمة البشعة اللا إنسانية ولا اخلاقية ..؟!.
الرادار .. الخميس 28 أبريل 2022 .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!