الرؤية نيوز

أزمة دواء تهدّد السودانيين وسط تفشي كورونا

0

انتقلت حمّى الأزمات في السودان إلى سوق الأدوية الذي يشهد نقصاً حاداً وارتفاعاً في الأسعار، ما فاقم من أزمات المواطنين الذين يعانون من أزمات خبز ووقود وغلاء تفاقمت في ظل جائحة كورونا.
وحسب مراقبين، تعتبر مشاكل الأدوية جزءاً من أزمة قطاع الصحة بصورة عامة الذي ازدادت معاناته كثيراً في الفترة الأخيرة، إذ يواجه الإهمال وضعف التشريعات، بالإضافة إلى ظهور منافذ خلفية عديدة مثل الأدوية الفاسدة أو منتهية الصلاحية، وكذلك تفشي التجارة غير المشروعة للأدوية المخدرة وغيرها في ظل ضعف الرقابة.

وسبق أن سلّم صيادلة السودان مذكرة لرئيس الوزراء، مطالبين فيها الحكومة بتوفير 55 مليون دولار شهرياً، وإنشاء محفظة دائمة من العملة الحرة، والتزام سداد مديونية الإمدادات الطبية، وعمل معالجات عادلة بفروقات أسعار مواد الخام، عبر تشكيل فريق عمل متكامل من مجلس الأدوية ووزارة المالية وبنك السودان المركزي.

وكان الصيادلة قد نظموا وقفة احتجاجية أمام مجلس الوزراء، أخيراً، قالوا فيها إن السبب الرئيسي في أزمة الأدوية، عدم التزام الحكومة توفير النقد الأجنبي للشركات، مطالبين بوضع سياسات واضحة للدواء واعتباره سلعة استراتيجية.

وأكدوا انسحاب عدد من الشركات من سوق الأدوية، إضافة إلى وجود شركات عالمية قلّلت وجودها في السودان، فضلاً عن الزيادات الكبيرة في الأسعار التي تصل إلى 300% في بعض الأدوية، وأخرى صار سعرها ضعف السعر القديم.

وأقرّ رئيس شعبة الصيدليات، نصري مرقس يعقوب، بعدم توافر الدواء، وخاصة الأدوية المنقذة للحياة، كأدوية القلب والسكري والضغط وغيرها التي تستخدم بصورة مستديمة.

وحسب قول يعقوب لـ”العربي الجديد”، فإن الناتج المحلي من الأدوية في البلاد يغطي ما بين 30 و40%، بحيث يُستورَد الباقي من الخارج، كما تستورد إدارة الإمدادات الطبية (حكومية) أكثر من ألف ومائة صنف من الأدوية، إلا أن الديون المُتراكمة عليها من قبل الشركات الخارجية، التي تُقدَّر بمائة وخمسة ملايين دولار أصبحت عائقاً أمام الاستيراد.

ومن جانبه، يقول الصيدلي عز الدين الشيخ لـ”العربي الجديد” إن مشكلة الدواء ليست حديثة عهد، بل إن ما طرأ على الاقتصاد انسحب أيضاً على سوق الدواء، لأن الدولة أحجمت تماماً عن مدّ شركات الأدوية بالعملة الصعبة لفتح الاعتماد للاستيراد، ومن هنا جاء اتهام الحكومة بدفع شركات الأدوية إلى التعامل مع السوق السوداء، لأنها طلبت من المستوردين توفير النقد الأجنبي بطريقتهم الخاصة، وسببت الأزمة إغلاق عدد من الصيدليات.

مسؤول العلاقات العامة في إحدى الشركات المحلية، قال لـ”العربي الجديد”: معظم مصانع الأدوية مضطرة إلى التوقف بشكل تام بعد تعرضها لضغوطات محلية ودولية، وهو ما يؤشر على أن البلاد في طريقها إلى تفاقم أزمة الدواء خلال الفترة القادمة.
ويقول المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، إنه في الوقت الذي سخّرت فيه معظم حكومات العالم إمكاناتها لدعم صناعاتها الدوائية لمقابلة جائحة كورونا، نجد أن السياسات الحكومية في البلاد تلعب دوراً كبيراً في تعميق أزمة هذا القطاع الحيوي.

وقال إن آخر تسعيرة للدواء كانت في عام 2018، وكان وقتها سعر الدولار يبلغ 30 جنيهاً، فيما ناهز سعره حالياً 150 جنيهاً في السوق السوداء، ما اضطر بعض الشركات إلى التوقف.
ويستورد السودان سنوياً أدوية تتجاوز قيمتها (300) مليون دولار وفق إحصائيات صادرة عن المجلس القومي للأدوية والسموم (حكومي).

ويبلغ عدد المصانع العاملة في صناعة الأدوية نحو 27 مصنعاً تنتج 232 صنفاً منها، من بينها الضغط والسكري والملاريا ومخفضات الحرارة، وفق تقارير رسمية.
وبالنظر إلى أسعار الأدوية المنتجة محلياً، يتكشف حجم التفاوت الكبير مع نظيرتها المستوردة من الخارج. فمثلاً، عقار (Ciprofloxacin) طلبت شركة أميفارما تسعيره بمبلغ 100 جنيه، في الوقت الذي سُعِّر فيه ذات المنتج المستورد من الأردن بمبلغ 498 جنيهاً.

وشكا مواطنون عدم توافر الأدوية في الصيدليات، قائلين إن البعض لجأ إلى بدائل أقلّ جودة، مطالبين الدولة بمعالجة الأزمة التي طال أمدها وتتفاقم يوماً بعد يوم، في ظل ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه.
ومن جانبها، حذرت الصيدلانية فاطمة محمود، من خطورة توجه عدد كبير من المواطنين نحو العلاج بأدوية رديئة نتيجة الأزمة، إذ إن الكارثة في نتائجها العكسية التي اضطرت أطباء إلى قطع رجل لمصاب نتيجة للالتهابات، حسب محمود.

وقال المواطن عمر بشار لـ”العربي الجديد”: نظل نبحث من صيدلية إلى أخرى دون وجود دواء، وإن وجدناه في الصيدلية المركزية حيث الطوابير الطويلة تتضاعف معاناتنا، وأصبحنا في حيرة في ظل الأوضاع الصحية بالبلاد. وكاد الدواء أن يسبب أزمة بين وزارتي المالية والصحة حول فاتورة الدواء والمستحقات وطريقة احتساب سعر الدولار.
وما يفاقم من معاناة المواطنين، تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، إذ قفز التضخم إلى خانة الـ114% في شهر يونيو/ حزيران الماضي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!