الرؤية نيوز

بين إعلان القاهرة والعملية السياسية في الخرطوم.. الأزمة.. هل من طريق ثالث؟

0

اضف تعليقاً

مصدر الخبر /  صحيفة الانتباهة

مصدر الخبر /  صحيفة الانتباهة

تقرير: محمد جمال قندول

كانت الخرطوم مسرحاً ساخناً لاحداث عديدة في خواتيم الاسبوع الماضي، حيث زارها ستة مبعوثين دوليين وتزامنت مع ذلك زيارة وزير الخارجية الروسي، كما انها شهدت ايضاً عودة الوفود المشاركة في ورش القاهرة التي اختتمت فعالياتها ظهر الثلاثاء الماضي.
ومازالت الازمة السياسية محلك سر، حيث لم تجد معها زيارات المبعوثين ولا رجاءات الوطنيين بوضع حد لها، وتمضي الايام وتزادد وتيرة الازمات التي تكاد تعصف باستقرار البلاد، خاصة على مستوى الاقتصاد الذي يعيش احدى اسوأ فتراته في التاريخ قديماً وحديثاً، وليست بعيدة الاشكاليات التي تواجه العام الدراسي جراء الاضرابات، الامر الذي رسم غضباً شعبياً يتمدد، والنخب والساسة عاجزون عن الحوار والتفاهم.
وما بين اعلان القاهرة والاتفاق الإطاري بالخرطوم أكثر من علامة استفهام حول مصير البلاد، وهل سيلتقي الفرقاء ويحدث اتفاق شامل، ام ان كل طرف سيتمترس خلف موقفه، أم أن هنالك طريقاً ثالثاً يفضي لحل سياسي؟
(1)
وبحث ستة مبعوثين دوليين وصلوا الخرطوم يوم الأربعاء الماضي الازمة السياسية بالبلاد مع الأطراف المتنازعة بما فيها لقاء جمعهم مع الكتلة الديمقراطية ظهر أمس الاول (الخميس) بالسفارة النرويجية، حيث مثل الكتلة الديمقراطية جبريل ابراهيم ومني اركو مناوي ومعتز الفحل. وكشفت مصادر متطابقة لـ (الانتباهة) ان اللقاء شهد نقاشات حادة، حيث أصر مناوي وجبريل على التفاهم معهم ككتلة وليس كتنظيمات سياسية.
وعصر الخميس الماضي وبحضور رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان والآلية الثلاثية والرباعية، التأم اجتماع جمع الكتلة مع المركزي، حيث اتفقا على استمرار الاجتماعات التي سوف يحدد ميقاتها رئيس مجلس السيادة ونائبه، ولم تخرج تفاصيل جديدة عن أول لقاء بين التحالفين، وذلك بعد ان توقفت قبل أسبوعين بعد ان سحب البرهان وساطته وتمسك الحرية والتغيير بعدم تفاوضها مع المكونات الديمقراطية ككتلة وانما فقط مناوي وجبريل لاستحقاق السلام، ولكن الأخيرين يرفضان ذلك ويصران على اصطحاب الديمقراطية كتحالف شامل.
وكانت الكتلة الديمقراطية قد انخرطت في ورشة القاهرة بدعوة من الحكومة المصرية لحوار سوداني ــ سوداني تمخض عنه تشكيل تنسيقي على شكل تحالف عريض ضم اكثر من (٧٥) مكوناً سياسياً وحركة.
(2)
والمجلس المركزي بدوره مازال مستمراً في العملية السياسية الحالية التي قطعت اشواطاً كبيرة وتحظى بدعم دولي كبير، حيث يتبين ذلك من بيان المبعوثين الستة الذين أكدوا رفضهم أية عملية سياسية موازية في إشارة الى ورشة القاهرة، ولكنهم ايضاً اشاروا الى ضرورة توسيع قاعدة المشاركة لتشمل اطرافاً جديدة تعطي زخماً للاطاري المسنود بالدعم الدولي والفاقد للسند الشعبي.
ومنذ التوقيع على الاتفاق الإطاري في مطلع ديسمبر من العام الماضي بين المركزي واحزاب الشعبي والاتحادي وجماعة انصار السنة مع المكون العسكري، تتمسك مكونات المركزي بعدم فتح العملية السياسية، حيث ظل قادته يتبارون في التأكيد على أن اطرافه محددة مسبقاً وانهم لا يريدون اغراق الإطاري.
وما بين الاغراق كمصطلح تستخدمه نخب قوى الائتلاف والتوسعة التي تنادي بها مكونات سياسية اخرى بجانب قيادات الجيش التي ظلت تطالب بضرورة عملية سياسية شاملة بلا إقصاء، ليس بعيدة تصريحات عضو مجلس السيادة الفريق اول شمس الدين الكباشي خلال زيارته لجنوب كردفان حينما انتقد العملية السياسية، وقال انهم لن يحتكموا لدستور وضعه عشرة اشخاص وقبله البرهان بولاية نهر النيل قبل اسبوع حينما طالب بضرورة توسعة قاعدة المشاركة، وحديث كباشي رسم علامة استفهام حول مدى نجاح العملية السياسية بشكلها الحالي.
(3)
وفي خضم انشغال المركزي بالعملية السياسية تحركت مصر ودفعت بأوراق جديدة في الورشة التي دعت لها، الامر الذي احدث حالة من الارتباك لاطراف الإطاري وقسمت الملعب السياسي لمعسكرين بين القاهرة والخرطوم، حيث جمعت الاولى اكثر من (٧٥) مكوناً بقيادة كل مكونات الكتلة الديمقراطية بقيادة جبريل ومناوي وأردول وترك، بجانب تحالفات أخرى على غرار مبارك الفاضل المهدي والتيجاني السيسي وغيرهم وقعوا على اعلان القاهرة، وتمخض عنها تشكيل تنسيقي على شكل تحالف عريض يتوقع مراقبون أن يسهم في ارباك المعسكر الآخر وممارسة ضغوط عليه ولو بفتح العملية السياسية وتوسعتها.
(4)
في حين انتقل الصراع بشكل كبير على الفترة الانتقالية بين شقى الحرية والتغيير (الديمقراطية ــ المركزي). ويتساءل الكثيرون عن مصير باقي التحالفات الاخرى على غرار مبادرة القطب الديني الشهير الطيب الجد الموسومة بنداء اهل السودان، حيث لم يتم استعيابهم في الاطاري، كما انها لم تشكل حضوراً في القاهرة رغم أنها تتمتع بثقل كبير بوجود مكونات سياسية وادارات اهلية وطرق دينية.
وبالمقابل فإن اطراف مبادرة نداء اهل السودان وان رفضت الإطاري صراحة ورحبت باعلان القاهرة، الا ان وجودها في الملعب السياسي لم يعد كبيراً كما كان قبل اشهر حيث تكاد انشطتها تنعدم.
ولا ننسى ايضاً تحالف الحل الجذري الذي يتزعمه الحزب الشيوعي وتجمع المهنيين وآخرين ظلوا من اوائل الرافضين للاطاري، كما اعلنوا رفضهم تحركات مصر ومازالوا يتمسكون بإسقاط المكون العسكري، وهناك طرف آخر ظل فاعلاً في العملية السياسية منذ سقوط نظام البشير، وهنا الحديث عن حزب البعث العربي الاشتراكي بقيادة علي الريح السنهوري الذي انشق عن تحالف المجلس المركزي لرفضه العملية السياسية بشكلها الحالي، والمكونات المذكورة والرافضة لم يتم التواصل معها أخيراً واجراء تفاهمات معها، سواء كانت من أطراف عملية الخرطوم او الذين شاركوا في ورش القاهرة، وهذا بجانب الاسلاميين الذين آثروا الصمت ومتابعة المشهد السياسي وعدم الخوض في معترك جديد، مفضلين مراجعة تجربتهم عبر الحركة الاسلامية والمؤتمر الوطني.
وهناك خبراء سياسيون اعتبروا ان إهمال التحالف الجذري والبعث والاسلاميين ونداء اهل السودان وتركيز المجتمع الاقليمي والدولي على معسكري الحرية والتغيير بشقيها، سيقود الى ازمة معقدة، ولن يسهم في حل المشكلة مع إشارتهم لضرورة ايجاد منبر جديد وبديل يستوعب كل الفرقاء لضمان فترة انتقالية تفضي الى انتخابات.
(5)
وفي ظل حالة الاحتقان السياسي وتمترس كل الاطراف خلف مواقفها ومع تفاقم الازمات المعيشية، تتقافز الى مخيلة القارئ السيناريوهات المتوقعة خلال الايام او ربما الاسابيع القادمة، وهل ستمضي الاوضاع على ذات المنوال، ام ان هنالك متغيرات قد تشكل واقعاً جديداً ينتشل البلاد من الأزمة الراهنة.
مصادر متطابقة من داخل الكتلة الديمقراطية أكدت لـ (الانتباهة) امكانية الاستعانة بخريطة جديدة بفتح الاتفاق الإطاري بضغط دولي واقليمي وداخلي، واستعياب مكونات اخرى، والاستعانة بوثيقة جديدة بديلة لما قدمته الحرية والتغيير، واضافت المصادر أن الكتلة الديمقراطية خلال اللقاء الاخير الذي جمعها بقيادات المجلس المركزي بحضور البرهان قدمت هذا المقترح الذي ربما يجد نقاشاً مستفيضاً خلال الاجتماعات المقبلة بين الطرفين.
وفي ظل ضبابية المشهد لا يستبعد المتابعون للشأن السياسي اتجاه الجيش لفرض انتخابات مبكرة حال عجزت القوى السياسية عن ايجاد حلول لوضع حد للازمة، او الاستعاضة عنها بانتخابات رئاسية.
ولكن الخبير والمحلل السياسي د. الرشيد محمد إبراهيم يرى انه من الصعب التنبؤ بالتحول صوب حل ثالث بعيداً عن العملية السياسية الجارية، ولكنه عاد وقال ان قناعات كبيرة ترسخت لدى المجتمع الدولي والمبعوث الاممي وأطراف الثلاثية والرباعية بعدم سير العملية السياسية بشكلها الحالي وضرورة فتحها واستعياب آخرين يشكلون سنداً لها.
واضاف د. الرشيد في حديثه لـ (الانتباهة) ان اي حل سياسي ناقص لا يتضمن الشمولية سيفضي الى تعقيد الراهن السياسي.
ولكن بعض الأصوات تجزم بأن فرص نجاح الإطاري ضعيفة، وكذلك امكانية ان تقدم ورشة القاهرة روشتة مستحيلة في ظل حالة الاحتراب وعدم القبول بالآخر، الأمر الذي يجعل كل السيناريوهات متوقعة، بما فيها تجاوز المكون العسكري المدنيين وتشكيل حكومة تصريف مهام والاتجاه صوب صناديق الاقتراع، خاصة ان المجتمع الدولي اضحى شاهداً على حالة العبث الذي تمارسه القوى السياسية.
خبراء سياسيون اعتبروا ان تفاقم الازمات المعيشية للمواطن وتمدد حالة الغضب الشعبي، قد تخلط اوراق الملعب السياسي وتقصي الجميع وتلزم الفرقاء والاطراف الاقليمية والدولية بضرورة الاتجاه صوب طريق ثالث او الانتخابات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!