الرؤية نيوز

الحكم الذاتي للمنطقتين ..توقيت القرار

0

الخرطوم : وجدان طلحة

أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان أمس قراراً بمنح المنطقتين (النيل الأزرق وجنوب كردفان) حكماً ذاتياً، خطوة وصفها البعض بالشجاعة وتأتي تنفيذاً لاتفاق جوبا للسلام، لكن آخرين وضعوا حولها علامات استفهام كثيرة حول توقيت القرار مقروناً مع قرارات سابقة.

تحالف خفي
تحليلات تشير إلى قرار رئيس مجلس السيادة الانتقالي بمنح الحكم الذاتي للمنطقتين وأداء مناوي القسم حاكماً لإقليم دارفور في هذا التوقيت، أي بعد فشل جولة المفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية شمال جناح الحلو، وكذلك قبل إحياء ذكرى 30 يونيو القادم، إن هناك ثمة تحالفات تتم في الخفاء بين الحكومة وحركات الكفاح المسلح، إن الحكومة تمضي مسرعة في تطبيق اتفاق جوبا، رغم أن الاتفاق كان شبه معطل لأكثر من نصف عام، وتوقعوا أن ثمة (طبخة) بدأ إعدادها، لكن لا أحد يعرف تفاصيلها حتى الآن.
وذهبت التحليلات إلى أنه ربما تتخوف الحكومة من شيء ما وتريد أن تحصن نفسها وتضم إلى جانبها حركات الكفاح المسلح لتكون في مركب واحدة معها، بدلاً من أن يتم استقطابها بحجة وإقناعها بعدم جدية الحكومة في تنفيذ اتفاق استغرق التوقيع عليه أكثر من عام .
البعض يعتبر أن المفاوضات بين الحكومة وحركة الحلو واجهتها عقبة، لكنها لم تفشل، وهذا النوع من المفاوضات لا سبيل له غير النجاح، مشيرين إلى أن المحاور التي تم الاختلاف حولها تحتاج لمزيد من الحوار أو فتح مجال لتراضٍأ مع قيادات المنطقتين، ومن ثم الرؤية الجديدة للمنطقة الفيدرالية، كأنما تعزز فكرة العودة المبكرة للتفاوض.

حسن النوايا
أستاذ القانون الدستوري بركات موسى الحواتي أكد في حديثه لـ(السوداني) أن اتفاق جوبا خطوة جادة لإيقاف الحرب واستقرار وتنمية البلاد، إلا أنه أشار إلى أن المادة (9-53) تنص على إعطاء المنطقتين الحق لعقد اتفاقيات إقليمية ودولية والتفاوض بشأنها في مجالات مختلفة مع الحكومات الأجنبية والمنظمات غير الحكومية الأجنبية بما لا يتعارض مع السياسات القومية بالتنسيق مع السلطات الاتحادية المختصة ، لافتاً إلى أن هذا الأمر تقوم به الدولة الأم، وقال لا يمكن إعطاء حرية كاملة وكان ينبغي أن تكون تحت إشراف وليس بالتنسيق أو بعد الاتفاق مع الحكومة الاتحادية، وأضاف : تم التعامل مع المنطقتين كأنهما دولة ذات سيادة.
الحواتي قال لا توجد ضمانات لعدم حدوث انفصال للمنطقتين أو تقرير مصير، مستدركاً: الضمان هو حسن النوايا والالتزام الاخلاقي والدستوري بما تم النص عليه لأن هناك الكثير مما يقال إن هذا مرحلة تؤهل إلى نظام اتحادي كامل الدسم، وأضاف: داخل النظام الاتحادي لا بد أن تكون السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية موجودة، موضحاً أن نظام الحكم الذاتي هو نظام للحكم والإدارة في إطار الوحدة السياسية والقانونية للدولة أساسه اللامركزية ويتحقق بالاعتراف لأحد أقاليم الدولة الموحد بالاستقلال في إدارة شؤونه تحت إشراف ورقابة السلطة المركزية بهدف معالجة مشاكل الأقليات وخصائص العرقية والثقافية داخل الدولة الواحدة، قاطعاً أن هذا الأسلوب يقي الدولة انفصال أحد أقاليمها ويحافظ على وحدتها، وكان يتمتع به إقليم كردستان، وقال لا بد من التمييز بين الحكم الذاتي والاتحادي وهو أن استقلال الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي يؤدي إلى تعدد السلطات في الدولة ويجعله قريباً من الاتحاد الفيدرالي، وقال لا يترتب على الحكم الذاتي قيام دولة جديدة، وليس للإقليم الذي يتمتع بهذا النوع من الحكم أن يتحكم في تكوين إرادتها أو تعديل الدستور المركزي وهو اختصاص الحكومة المركزية، فيما تشارك الولايات الأعضاء في الاتحاد الفيدرالي ، مشيراً إلى أن الحكم الذاتي حل لمشاكل الاقليم، ويخدم الدول الحريصة على استقلالها وحريصة علي الوحدة فيما بينها في نفس الوقت.

خطوة شجاعة
محللون سياسيون أوضحوا أن الحكومة بهذا القرار أثبتت جديتها في اتفاق جوبا ، وأنها تنفذ بنوده بكل شجاعة، خاصة بعد شكوى حركات الكفاح المسلح من عدم تنفيذ اتفاق جوبا ، وتحذيرهم من انهياره.
لكن مراقبين سياسيين أشاروا إلى أن الحركة الشعبية طالبت منذ وقت مبكر بضرورة منح المنطقتين الحكم الذاتي، مؤكدين أن عدم تنفيذه سيؤدي إلى المطالبة بحق تقرير المصير أي تكرار سيناريو انفصال جنوب السودان ، لكن في الوقت ليس واردا ، فمن حق المنطقتين التمتع بالحكم الذاتي لأن لهما خصوصية يجب ان تتم مراعاتها ، وعلى الحكومة الانتقالية كذلك ألا تضرب بهذا الطلب عرض الحائط .
مقرر مسار الشرق باتفاق جوبا د.أحمد موسى اعتبر ان منح المنطقتين حكما ذاتيا خطوة مهمة وتُنبئ عن رغبة الحكومة في تنفيذ بنود اتفاق جوبا للسلام ، كما انها تبث مزيدا من الطمأنينة لحركتي عبدالعزيز الحلو وعبدالواحد نور، ويخفف من إجراءات التفاوض مع القائد عبدالعزيز الحلو لأن عدداً من القضايا تمت مناقشتها في اتفاق جوبا .
موسى أوضح أنه يوجد مفهوم خاطئ بأن الحكم الذاتي يؤدي إلى انفصال المنطقتين، مشيراً إلى أنه يمنح مزيدا من الفيدرالية للمنطقتين والذاتية بحيث لا يضر بوحدة السودان، وقال إن القرار يتسق مع الدستور لأن اتفاق جوبا أصبح جزءا من الوثيقة الدستورية بعد المواءمة التي تمت ، واعتبره خطوة مهمة ومن الخطوات الشجاعة والكبيرة التي اتخذتها الحكومة ، لأن قضية الحكم الذاتي من القضايا الشائكة والتي دار نقاش حولها في فترة التفاوض في اتفاق جوبا ، مشيراً إلى أن الحكم الذاتي يمنح المنطقتين فرصة كافية للاستثمار وإعادة بنائهما إدارياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً ، ومنحها مزيدا من الصلاحيات للاستفادة من موارد الموجودة فيهما ، مؤكدا ان الحكم الذاتي للمنطقتين يؤسس لسلام حقيقي في المنطقتين وفي السودان ككل وتفتح الباب على مصراعيه لعبد العزيز الحلو وعبدالواحد نور واستكمال ملف سلام شرق السودان .

تقرير المصير
المحلل السياسي حسين سعد قال في تصريح لـ(السوداني) ان المرسوم استحقاق بموجب اتفاق جوبا ، وجاء في توقيت مهم خاصة بعد انهيار المفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو ، مشيرا الى تصور مقترح من الاتفاق الاطاري المقدم من قبل الحركة الشعبية والذي يضم غرب كردفان وجبال النوبة والفونج .
سعد قال إن المفاوضات التي تم تعليقها فان المرسوم الدستوري يتحدث عن قضية بها نفس المفاوضات وهما المنطقتان ، واضاف ان الحركة الشعبية بقيادة الحلو لديها تصور مختلف عن اتفاق جوبا والذي بموجبه تم اصدر قرار الحكم الذاتي ، معتبرا ان التصور من حركة الحلو فيه قضايا وفلسفة ادارية جديدة حول قسمة الموارد وغيرها ، بالتالي كان الافضل الانتظار الى حين التوصل الى اتفاق مع الحلو ، مشيرا الى ان القرار فيه اشارة من قبل الحركة الشعبية جناح مالك عقار لاهل الاقليم بأنهم استطاعوا ان يحققوا لهم حكما ذاتيا ، وهذا يدفع الحركة الشعبية لرفع سقف مطالبها ، وستتجه الى تقرير المصير ، منوها الى ان المادة 3 من الفصل الثالث فيه شرط .
المهتم بالشأن الدارفوري عبدالله آدم خاطر اكد في تصريح لـ(السوداني) ان حدوث انفصال للمنطقتين غير وارد نهائيا ، وقال ان المرحلة القادمة من السلام ستعزز فرص العودة للاقاليم والولايات والاعتماد على الانتاج الزراعي والحيواني .
خاطر قال مشروع المشورة الشعبية سيكتمل ،وان اي قرار في هذا الاتجاه يعني توسيع فرص حوارات القيادات الفيدرالية والمحلية من اجل الاستقرار ، مشيرا الى ان الحكومة اتخذت عددا من القرارات من شأنها فتح مجال للمنطقتين بالاندماج وفق التراضي بينهما .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!