الرؤية نيوز

احمد يوسف التاي يكتب: المولود القادم

0

(1)
بإمعان القليل من النظر ، وبلمحة سريعة لمعطيات المشهد السوداني على صعيده السياسي، يدرك المراقب لتطورات الأحداث أن التحركات الدولية والإقليمية الجارية حالياً في إطار الآلية الثلاثية قد تفضي إلى تسوية سياسية بين الفرقاء المتصارعين على المواقع والمناصب ، لكنها لن تقود إلى حل للأزمة، وربما تنتهي الجهود الجارية حالياً إلى ترضيات ومحاصصات جديدة في إطار صفقة سياسية تخاطب مخاوف ورغبات ومطامع الأطراف المتصارعة ..
(2)
والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان ..ماهي المخاوف والرغبات والمطامع التي تخاطبها التسوية المرتقبة وتبنى عليها الصفقة ..؟؟..
المكون العسكري الذي يتحصن الآن بالسلطة في مواجهة تهديدات تناهت إلى اسماعه كثيراً يسعى إلى إيجاد تطمينات تنهي هذه المخاوف والهواجس والتهديدات…
والمكون المدني بفصائله المتناحرة لديه مطامع ورغبات مختلفة من حزب لآخر، ومن حركة إلى أخرى، فهناك أحزاب ليست لها حظوظ في السلطة التي تأتي عن طريق صناديق الاقتراع، ولذلك لابد أن تأخذ حظوظها في فترة الانتقال وتتقوى بالسلطة لتبني نفسها للمستقبل ولو البعيد، وكذا الحركات المسلحة التي يتعامل بعضها مع السلطة والموارد على أنها ضيعة خاصة..
،وهناك قوى ثورية موالية للمكون العسكري، خلطت عملاً ثورياً بآخر مضاد حتى بدت لاهي ثورية ولا هي مضادة للثورة، فهذه أيضاً فرضت نفسها بالتقرب للمكون العسكري، وهي ايضا لن تكون بعيدة عن التسوية وترى نفسها صاحبة حق مثل الآخرين ولها أجندتها ومطامعها في السلطة..
كل هذه الأجندة الخاصة والرغبات الشخصية والحزبية والتطلعات والطموحات الشخصية تبدو حاضرة الآن في انتظار التسوية .
(3)
إذن وبناءً على المعطيات أعلاه فإن المولود القادم من الراجح أن يكون مجرد تسوية سياسية أو صفقة تخاطب مخاوف العسكر وتخاطب أيضاً الرغبات والطموحات الشخصية والحزبية للمدنيين ولهذا فإن التحركات الحالية لن تفضي إلى حل الازمة السودانية لاختلاف الأجندات وبعدها عن الأزمة الحقيقية التي يكتوي بلظاها المواطن السوداني المغلوب على أمره…
(4)
نعم التحركات الدولية والاقليمية وكل هذه الجلبة الحالية لن تحل الأزمة السودانية وذلك للأسباب أدناه:
أولاً: كل المتصارعين على الحلبة ليس في أجنداتهم إنهاء الضائقة المعيشية التي أناخت بكلكلها على صدر المواطن السوداني، والدليل أنهم لم يفعلوا يوماً مايرفع العبء الثقيل عن كاهل المواطن…
ثانياً: ليس في أجنداتهم حسم مظاهر الفوضى وانفلات الاسعار، ودعم الانتاج المحلي وتشجيعه..وليس في اجنداتهم حسم التفلت الامني والهشاشة، والتهريب، ولو كان ذلك من شواغلهم لوضعوا له حداً، لأن أدوات الحسم بأيديهم ولكنهم لايفعلون…
ثالثاً: الآن كل الأطراف مشغولة بحل مشاكلهم الخاصة، الشخصية والحزبية وليس مشكلة الوطن ومعاش شعبه، وسيتحاورون حول المواقع والمناصب والمحاصصات والترضيات وهي أمور لن ينال الوطن وشعبه منها سوى المزيد من الآلام والأوجاع والخسران المبين…
رابعاً: كل الأطراف المتنازعة والمتحاربة لها أجندة وأهداف ومآرب مختلفة عن هموم وشواغل الشعب السوداني الذي يريد وطناً آمناً مستقراً تسود فيه العدالة الاجتماعية، ويقود سفينته الأكفاء ذوي الخبرات والاستقامة والمؤهلات والنزاهة، ولايريد ان يتقدم صفوفه القتلة، ولا أهل النفاق، ولا اصحاب الولاءات الخارجية، ولا لصوص المال العام، وهذه أولى المحطات في تقاطعات الأجندة….اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!